مقالة نشرت في صحيفة الوطن الجزائرية
http://www.elwatandz.com/politique/11543.html
http://www.elwatandz.com/politique/11543.html
قامت الأنظمة العربية على مدى سنين طويلة وعبر ترسانتها الإعلامية التابعة لها بغرس تعريف الأمن والأمان في عقول الناس وربطه بشكل مباشر وغير مباشر بالأمن القومي وإستقرار البلاد دون توضيح فعلي حقيقي، وبعد بروز ثورات الربيع العربي والتي أطاحت بعدد من الأنظمة العربية البوليسية أضحت الدول العربية وخصوصا الملكية خائفة من المد الثوري أن يصل إليها فقامت بالتمسك بهذا التعريف بقوة ونشره عبر الإعلام كثيرا.. فماذا يدل أساسا مفهوم الأمن والأمان؟ وماذا تقصد به الأنظمة العربية وتجعل منها كلمة تردد بشكل يومي في الإعلام الحكومي؟ هل هي مربوطة ببقاء الأنظمة؟ هل هي محاولة لإبتزاز شعوبهم؟ كيف ساهمت هذه الفزاعة برفع نسب البطالة وسوء الوضع الإقتصادي وتردي مستوى مخرجات التعليم؟ دأبت الحكومات العربية البائدة والحالية على ذكر الأمن والأمان دوما في إعلامهم كأهم إنجاز قامت به وتدل عليه بحالة السلم والإستقرار الذي تعيشه البلد، فإذا ما قامت مظاهرة أو حصلت إحتجاجات شعبية مطالبة بالحقوق والحرية تبدأ الحكومة بذكر أن مثل هذه المظاهرات والإحتجاجات يقوضان الأمن والأمان في البلاد، وقد وصل الأمر إلى حد أن أجيالا كاملة لا تخطو خطوة خوفا من فقدان نعمة الأمن والأمان على حساب حقوقها وحرياتها... أجيال كاملة سلبت حقوقها ونهبت ثرواتها وكبتت حرياتها
خوفا من فقدان الأمن والأمان الذي تتغنى به الحكومات العربية ((الفزاعة)). نعم إنها فزاعة تشهر بها الحكومات العربية لتمكن نفسها من البقاء طويلا في سدة الحكم دونما إزعاج، فزاعة إستخدمت لنهب ثروات الوطن وكبت الحريات في أمن وأمان من الشعب، فزاعة نجحت أنظمة عربية في غرسها في عقول أجيال ((بدون وجود النظام يفقد الشعوب الأمن والأمان)). وقد ساهمت الحكومات في جعل الوضع واقعيا عبر منع الممارسة السياسية ومنع الفكر الحر مع غياب حقيقي لتعليم حديث يغرس البحث والتساؤل وبالتالي غياب الوعي السياسي والحقوقي، فأصبح الوضع فاعلا أنه إذا هدد النظام فإن الشعب سيخسر الأمن والأمن لتعم الفوضى والخراب.. فزاعة إستخدمت كوسيلة لإبتزاز الشعوب العربية لعدم الحديث عن حقوقهم وحرياتهم، فالسكوت والسكون مقابل الأمن والأمان والمطالبة بالحقوق والحريات مقابل الفوضى والخراب.. إذا ما نظرنا إلى مجتمعات ودول متقدمة لوجدنا أن الأمن والأمان هو حدث تلقائي يأتي بعد ضمان الحقوق وتعزيز الحريات.. لأن الأمن والأمان أساسا مفهوم شامل لعدة جوانب سياسية وإقتصادية وإجتماعية يكون بتنمية البشر وتطوير قدراتهم، يكون بضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة عبر تعليم متطور وفرص وظيفية وحياة إجتماعية كريمة... ألم يكفي الإبتزاز وحان موعد العمل من أجل الشعوب وإعطاء الحقوق والحريات أو إنتزعتها الشعوب بأجيالها الجديدة الطامحة لبناء حضارة والركوب في سفينة الحداثة؟؟ ألم يحن الآوان لتحطيم هذه الفزاعة المغروسة في عقولنا؟؟!
No comments:
Post a Comment