المقالة للباحث البريطاني: بيتر بنهام من جامعة لانكشاير، ترجمة: خلفان
البدواوي
رابط المقالة بالإنجليزية: http://conflictandsecurity.com/blog/ancient-monarchy-and-troubled-democracy-omans-political-realities/
شهدت
منطقة الشرق الأوسط اضطرابات كبيرة في السنوات الأخيرة؛ في تحول غيرت من التركيبة السياسية
للمنطقة. بالنسبة للعديد من الأنظمة الاستبدادية جلب الربيع العربي لحكوماتهم الانهيار،
ولكن بالنسبة لآخرين كانت الآثار أقل تدميرا. تمكنت بعض الأنظمة من الانحناء أمام
العاصفة دون تغيير نسبيا، وكانت عمان واحدة من هذه الدول.
في
الخطابات الكبرى التي تتحدث عن سياسات الشرق الأوسط نادرا ما يتم التركيز على
سلطنة عمان، المراقبون يمرون عليها وبدلا من ذلك يتم النظر إلى الاضطرابات
الداخلية اليمنية أو السيطرة في المملكة العربية السعودية أو الأبراج المتلألئة في
الإمارات العربية المتحدة ومع ذلك، ينبغي أن يكون التركيز على هذا البلد في نهاية شبه
الجزيرة العربية. هنا في عمان، الدولة التي تطوقها الربع الخالي والمحيط الهندي، هي
واحدة من أقل الدول الديمقراطية في العالم. عمان لها تاريخ طويل من الحكم الملكي، ولكن
خلافا لمعظم الملكيات العالمية، فقد قاومت عمليات الاقتحام للديمقراطية.
كلمة
السلطان هي القانون التي تحكم سلطنة عمان. في عام 1970 تولى السلطان قابوس السيطرة
على الدولة في الانقلاب الذي أطاح بوالده ووضع عمان على مسار نحو التحديث. وكانت
رؤية قابوس في عام 1970 هو بناء دولة مطورة تدفعها عائدات النفط وإنهاء العزلة
السياسية، وهي سمة كانت سمة مميزة لعقود سابقة. حقق قابوس تحديثا اقتصاديا، وقد تم
تسخير قوة النفط على نحو فعال وتم ضخ العوائد المالية للنفط في السياحة، والصناعات
الثقيلة، وتحسين مستويات معيشة مرتفعة لمواطني عمان. نجاح السلطان في تحديث
الاقتصاد هو مسلم به ولكن هذا النجاح يضع أقنعة لتغطية الواقع السياسي لسلطنة
عمان.
أنشأ
السلطان قابوس الدولة في بداية 1970 باعتبارها حكما ملكيا مطلقا، ولكن خلافا
لجيرانه كقطر والمملكة العربية السعودية، فلا يوجد تعديل أو تأثير من أفراد الأسرة
الحاكمة، فقابوس يحكم لوحده. ولانتقاد الدولة العمانية فإن قابوس هو مستبد، الحاكم
الذي يبرر حكمه من خلال التقاليد الملكية ولكن قواعد حكمه هي ديكتاتورية مثل فعل
الطغاة في جميع أنحاء العالم.
يبرر
النقاد خلال تقييمهم للسلطان قابوس أنه خلال فترة حكمه طوال أربعين عاما كان يحكم
عمان مثل ملوك أوروبا المطلقين في العصور الوسطى. وليس فقط يحكم البلاد، بل يتحكم
بالسياسة الخارجية ويحتل مناصب رفيعة في الجيش وله القول الفصل في جميع الأمور القضائية.
جولاته في جميع أنحاء سلطنة عمان تذكرنا بالجولات الكبرى التي كان يقوم بها هنري الثامن،
وللغرباء تكون دولة حديثة مع شعور واضح أنك في القرون الوسطى.
ولكن
على عكس الأنظمة الديكتاتورية في جميع أنحاء العالم، النظام الملكي المطلق للسلطان
قابوس يتلقى إدانة قليلا من زعماء العالم ويولد الجدل قليلا. وقد استثمرت دول مثل بريطانيا
العظمى والولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير، اقتصاديا وسياسيا، في استمرار نجاح
واستقرار النظام قابوس. في عام 2009 وقعت الولايات المتحدة اتفاقية التجارة الحرة التي
فتحت عمان إلى العالم، وفي وثيقة واحدة أنشأت شركة مع الدولة العمانية للسندات
الأمريكية. وكذلك واصلت بريطانيا العظمى في نفوذها الذي أنشئ في أوج الإمبريالية
البريطانية وفي عمان الحديثة يعد العسكر أكبر المستفيدين من المشورة والتمويل
البريطاني. ومرة أخرى، تؤكد كل الدول سياستها المتمثلة في تحديد أولويات التعاون مع
الدول في الشرق الأوسط التي تهدف التطابق مع سياستهم، ولكن مثل النجاح الاقتصادي
لعمان في الخارج فإنه يغطي ويضع قناعا على الواقع السياسي لعمان.
هناك
تصدعات في الدولة العمانية تثير الأسئلة حول هذا "النظام الملكي القديم".
في جميع أنحاء الشرق الأوسط كان الربيع العربي له تأثير على الحكومات، وحتى في سلطنة
عمان المتحكم فيها بشكل صارم، كانت هناك موجة كبيرة من الاحتجاجات السياسية التي أجبرت
السلطان لمنح بعض الامتيازات الاقتصادية. ومع ذلك أثار المحتجون سؤالا كبيرا حول
عمان: ما هي الخطوة المقبلة؟ قابوس لم يسمي خليفة له، وهذا ما قد يضع عمان في مسار
مختلف بعد ذلك. ومع ذلك، في الوقت الراهن، فإن عمان هي أمة فيها الديمقراطية هو
مفهوم لا يستخدم فيه بكثرة. في صحراء شبه الجزيرة العربية وضع السلطان قابوس نفسه
كملك مطلق، كوريث للسلاطين القدماء المأخوذة من قصص الفلكلور العربي. فقد استخدم تراث
هذه الملكية القديمة لتجنب التعرض والارتباط بدلالات الاستبداد وممارساته
الديكتاتورية وحكمه الاستبدادي. وقد عملت هذه الممارسات بشكل جيد مع السلطان إلى
الآن.
خلافا
لغيرها من القيادات السلطوية في الشرق الأوسط فقابوس لم يتعرض لحملة انتقادات
واسعة أو انتفاضة اجتماعية كمقياس التي أطيحت بالرئيسين مبارك ومرسي في مصر أو
بالقذافي في ليبيا. بدلا من ذلك هناك وجهة نظر رومانسية تقريبا عن عمان، الدولة
القديمة التي احتفظت بالتقاليد العربية. للسياح الذين يسافرون إلى عمان النظام الملكي
القديم المطلق هو جزء من سحرها؛ إشارة إلى عالم علاء الدين وألف ليلة وليلة. ويمكن
قول نفس الشيء عن الحكومات التي تتدفق إلى هنا. من النمسا إلى المملكة المتحدة، تم
تكريم قابوس وقد تم منحه مرتبة الشرف الأولى من قبل الدول الأجنبية في جميع أنحاء العالم.
قابوس
خلال منصبه كملك مطلق وليس ديكتاتورا، أضاف الشرعية على حكمه في نظر الدول
الأجنبية. هذه العقلية خطيرة جدا، حيث أنها تعمي العالم من فشل الديمقراطية في بعض
الدول. يجب أن نرى عمان إلى ما هي عليها، نظام استبدادي الذي يسمح فيه لتقاليد
النظام الملكي القديم لتسود على مبادئ الديمقراطية. أنا لا أسعى إلى إدانة مفهوم
الملكية، ولكني أعتقد أنه عندما نترك ملكية دون رادع أو مراقبة فالنتيجة هي نظام
استبدادي بحت. عمان قد تكون المملكة الصحراوية الصوفية في نظر الكثيرين، ولكن
الواقع السياسي لهذه الدولة يفضح أمة مليئة بالعيوب.
No comments:
Post a Comment